عرب لندن
رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنذارًا وجهه زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا، دعوه فيه إلى قبول وقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يومًا مع أوكرانيا، محذرين من مواجهة عقوبات مشددة وزيادة الدعم العسكري لكييف في حال الرفض.
ووجه الزعماء الأربعة هذا الإنذار خلال زيارة إلى العاصمة الأوكرانية كييف، حيث عقدوا مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: "جميعنا هنا، إلى جانب الولايات المتحدة، نطالب بوتين بالتوقف عن الكلام. إذا كان جادًا بشأن السلام، فلديه فرصة لإظهار ذلك الآن".
ووفقًا لما أورده موقع "الغارديان" The Guardian، شدد ستارمر على أن القادة يطالبون بوقفٍ فوري وغير مشروط لإطلاق النار، دون القبول بأي شروط تفرضها موسكو، ملوّحًا بتشديد العقوبات وزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة والرئيس ترامب، إذا ما تجاهل الكرملين الإنذار الأوروبي.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، وصلوا إلى كييف صباح السبت عبر القطار نفسه، بينما وصل رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك على متن قطار منفصل. وقد التقى القادة بالرئيس زيلينسكي وأجروا محادثات في وسط العاصمة الأوكرانية، في زيارة هي الأولى لماكرون إلى كييف منذ صيف 2022، والأولى لميرز منذ توليه منصبه.
وكتب وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيا عبر منصة X أن القادة أجروا مكالمة مع الرئيس الأميركي، ركزت على جهود تحقيق السلام، وأرفق صورة تجمع الزعماء الخمسة وهم يحيطون بهاتف محمول يعمل على مكبر الصوت. وقال: "أوكرانيا وجميع حلفائها مستعدون لوقف إطلاق نار شامل غير مشروط برًا وجوًا وبحرًا لمدة 30 يومًا على الأقل، بدءًا من يوم الاثنين. وإذا وافقت روسيا، وتم ضمان مراقبة فعالة، فقد يمهد ذلك الطريق لمفاوضات سلام دائمة".
وفي وقت مبكر من صباح الأحد، عقد بوتين مؤتمرًا صحفيًا في الكرملين حضرته وسائل إعلام روسية ودولية، أعلن خلاله رفضه الإنذار الأوروبي، لكنه أبدى استعداده لإجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا، مقترحًا لقاء الوفود في إسطنبول يوم الخميس المقبل للتباحث بشأن وقف إطلاق نار جديد محتمل.
واعتبر ماكرون أن العرض الروسي "خطوة أولى لكنها غير كافية"، مؤكدًا أن "وقف إطلاق النار غير المشروط لا يسبقه تفاوض، بل يجب أن يكون البداية". وأضاف: "بوتين يبحث عن مخرج لكنه ما يزال يراوغ لكسب الوقت".
ورغم دعوات العواصم الأوروبية لوقف شامل لإطلاق النار كتمهيد للمفاوضات، غادر بوتين المؤتمر دون الإجابة عن أسئلة الصحفيين، بعد انتظار دام نحو سبع ساعات، بينما لم يصدر البيت الأبيض أي بيان بشأن المكالمة مع الزعماء أو موقف ترامب من الإنذار.
وقال ترامب لاحقًا للصحفيين: "لدي رسالة لكلا الطرفين: أنهوا هذه الحرب الغبية. هذه رسالتي لكليهما"، دون أن يوضح موقفه من تحركات القادة الأوروبيين أو المقترحات الروسية.
وفي مؤشر على تصاعد التوتر، علّق ديميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، ساخرًا على الإنذار الأوروبي عبر منصة X قائلًا: "هل تعتقدون أن تهديد روسيا تصرف ذكي؟ ادعوا هذه الخطط للسلام في مؤخرتكم".
وفي الوقت نفسه، أعلنت موسكو وقفًا أحاديًا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام بدءًا من 8 مايو، تزامنًا مع احتفالات الذكرى الثمانين لنصر الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية. واعتبرت كييف هذا القرار محاولة روسية لتجنب ضربات الطائرات المسيّرة خلال احتفالات "يوم النصر" في موسكو، التي حضرها آلاف الجنود وعدد من قادة العالم، أبرزهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، والبرازيلي لولا دا سيلفا، إلى جانب زعماء من دول أوروبية مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي.
ورغم إعلان وقف إطلاق النار، استمرت الاشتباكات على بعض الجبهات، في حين امتنعت روسيا عن تنفيذ هجمات صاروخية واسعة النطاق ضد أوكرانيا خلال هذه الفترة. وعلّق ستارمر قائلًا: "لم يحتج بوتين إلى شروط عندما أراد وقفًا لإطلاق النار من أجل عرض عسكري، ولا ينبغي أن يحتاج إليها الآن. أوكرانيا أبدت استعدادها مرارًا، لكنه يرفض باستمرار".
وانتقد ستارمر رؤية بوتين للتاريخ، مؤكدًا أن الزعيم الروسي أساء فهم دروس الحرب العالمية الثانية، وقال: "المجد لا يأتي من الغزو والعدوان، بل من الدفاع عن الشعب وتحقيق السلام".