عرب لندن
تزايدت الدعوات في أروقة الاتحاد الأوروبي للتدخل في النزاع القائم بشأن فرض رسوم على حقائب اليد من قِبل شركات الطيران الاقتصادي، وسط اتهامات لهذه الشركات بـ"استغلال المستهلكين" وتجاهل قرارات قضائية أوروبية.
وذكرت صحيفة The Guardian “الغارديان” أن جماعات أوروبية لحماية المستهلك وجّهت، الأسبوع الماضي، دعوة إلى المفوضية الأوروبية لفتح تحقيق في سياسات التسعير التي تتبعها سبع شركات طيران، من بينها "رايان إير"، و"إيزي جيت"، و"ويز إير"، بسبب فرض رسوم على حمل حقائب اليد على متن الطائرات.
وصرّح أغوستين رينا، المدير العام لمنظمة BEUC الأوروبية لحماية المستهلك، بأن شركات الطيران المعنية "تتجاهل قرارًا صادرًا عن محكمة العدل الأوروبية يقضي بأن فرض رسوم على حقائب اليد ذات الحجم المعقول غير قانوني". وأضاف: "من منا لم يشعر بالقلق في طوابير المطارات من احتمال تجاوز أبعاد حقيبته للقياسات المسموح بها ودفع رسوم إضافية مفاجئة؟".
ووفقًا للسياسات الحالية، تسمح بعض شركات الطيران بحمل حقيبة صغيرة مجانًا، بشرط أن توضع أسفل المقعد، لكن أي تجاوز في الحجم قد يُعرض المسافر لرسوم تصل إلى 60 جنيهًا إسترلينيًا عند بوابة الصعود. كما تتفاوت تكلفة إضافة حقيبة مقصورة بين 6 إلى 36 جنيهًا إسترلينيًا حسب المسار، مع إمكانية فرض رسوم إضافية تصل إلى 75 جنيهًا إسترلينيًا في حال تجاوزت الأبعاد المسموح بها.
وقد أصبحت إسبانيا مركزًا للنزاع القانوني حول هذه المسألة. ففي العام الماضي، فرضت وزارة حقوق المستهلك الإسبانية غرامات بلغت 179 مليون يورو على خمس شركات طيران اقتصادي بسبب فرض رسوم غير مبررة على حقائب اليد. ومؤخرًا، قضى قاضٍ إسباني بإلزام "رايان إير" برد مبلغ 147 يورو لأحد المسافرين، نتيجة لرسوم تراكمت على خمس رحلات، من بينها رحلة ذهاب وعودة بين إسبانيا والمملكة المتحدة.
وأكدت القاضية راكيل مارتينيز ماركو، في حيثيات الحكم، أن "الأمتعة اليدوية تُعد عنصرًا أساسيًا في عملية نقل الركاب، ولا يجوز فرض رسوم إضافية عليها"، وهو ما دعمته منظمة فاكوا الإسبانية منذ عام 2018 بوصفها "رسومًا غير قانونية".
من جهته، دافع كينتون جارفيس، الرئيس التنفيذي لـ"إيزي جيت"، عن سياسات شركته، قائلًا إن الركاب يفضلون دفع مقابل الخدمات التي يختارونها، مشيرًا إلى أن ثلث عملاء الشركة لا يحملون سوى حقيبة صغيرة مجانية. وأضاف أن الحقائب المجانية كانت تسبب مشكلات لوجستية، بسبب امتلاء الخزائن العلوية وتأخر الرحلات.
أما مايكل أوليري، الرئيس التنفيذي لـ"رايان إير"، فقد رفض أي تغييرات في سياسة الشركة، وهاجم موقف الحكومة الإسبانية، واصفًا وزيرها بأنه "متغطرس"، ومعتبرًا قراراته انتهاكًا لأنظمة الاتحاد الأوروبي. وأكد أن المفوضية الأوروبية أبلغت مدريد بعدم قانونية مثل هذه الإجراءات، وأن شركته ستستمر في استئناف الأحكام القضائية أمام المحاكم الأوروبية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تجري فيه مؤسسات الاتحاد الأوروبي مراجعة شاملة لتشريعات حماية حقوق المسافرين جوًا. ويرى أغوستين رينا أن هذه المراجعة تُعد فرصة لوضع قواعد واضحة لما يجب أن يتضمنه السعر الأساسي للتذكرة، بما في ذلك الأبعاد والوزن المسموح به لحقيبة اليد.
بدوره، علّق المحامي البريطاني كيفن بودلي، المتخصص في قانون الطيران، بأن الحكم الإسباني "يوجه رسالة قوية ضد الرسوم الخفية"، موضحًا أن قرارات الاتحاد الأوروبي، رغم عدم إلزامها للمملكة المتحدة بعد "البريكست"، قد تؤثر على الجدل القانوني المحلي بشأن حقوق المستهلكين.
واختتم بودلي بقوله: "ربما تؤدي هذه النزاعات إلى تعزيز الحماية القانونية للمسافرين، لكنّ كلفتها قد تنعكس في النهاية على أسعار التذاكر".