عرب لندن
أعلنت مدرسة "بلاكهورس" الابتدائية في مدينة بريستول البريطانية حظرًا كاملًا للهواتف الذكية داخل الحرم المدرسي، بعد واقعة لافتة كشفت عن حجم التفاعل المفرط بين التلاميذ عبر تطبيق "واتساب".
وبدأت القصة عندما تُرك هاتف أحد طلاب الصف السادس عن طريق الخطأ داخل خزانة المعلمة طوال الليل. وفي اليوم التالي، وعند تشغيله، ظهرت عليه 9 آلاف رسالة واردة من مجموعة دردشة تجمع زملائه، أُرسلت خلال فترة لا تتجاوز 15 ساعة.
ودفع هذا الاكتشاف إدارة المدرسة إلى اتخاذ قرار فوري بحظر الهواتف، بدءًا من شهر سبتمبر المقبل.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة التليغراف "Telegraph" أوضح المدير التنفيذي للمدرسة، سايمون بوتن، في تدوينة رسمية أن القرار جاء نتيجة تصاعد المخاوف من مخاطر التنمر الرقمي والضغط النفسي الناتج عن الاستخدام المفرط للهواتف.
وقال: "شاهدت هذا التحول التكنولوجي يتفاقم على مدار عشرين عامًا في العمل التربوي. بدأ بأمور بسيطة مثل جدالات عبر الرسائل النصية، لكنه تطور إلى ظواهر رقمية أكثر خطورة وتكرارًا."
وكانت المدرسة تسمح سابقًا للتلاميذ بإحضار هواتفهم بشرط تسليمها للمعلمين أثناء اليوم الدراسي، لكن الواقعة الأخيرة ألقت الضوء على ما يحدث خارج ساعات الدوام، ما دفع الإدارة إلى مراجعة السياسات المتبعة.
وقبل اتخاذ القرار النهائي، أُجريت مشاورات مع أولياء الأمور، الذين عبّر بعضهم عن قلقهم بشأن سلامة أبنائهم أثناء التنقل من وإلى المدرسة دون هاتف. لكن بوتن أشار إلى أن عددًا من أولياء الأمور العاملين في الشرطة أكدوا أن الأهل "يبالغون في تقدير مخاطر الواقع ويستهينون بخطورة العالم الرقمي".
كما واجهت الإدارة اعتراضات من بعض الأهالي الذين اعتبروا أن شراء الهاتف شأن عائلي لا دخل للمدرسة به، لكن الإدارة أوضحت أنها لا تمنع امتلاك الهواتف، بل تمنع اصطحابها إلى المدرسة فقط.
وأظهرت نتائج استطلاع أجرته المدرسة أن 87% من أولياء الأمور في "بلاكهورس" يدعمون الحظر الكامل، في حين أيد القرار 58% من أولياء الأمور في المدرسة الشقيقة "إيمرسونز غرين"، حيث لا يزال القرار بانتظار تصويت المحافظين.
وأشار بوتن إلى أن الاستجابة بعد الإعلان عن القرار كانت إيجابية للغاية: "لم أتلق أي رسائل اعتراض، بل وصلتني العديد من رسائل الشكر من الأهالي."
مع ذلك، أعربت إحدى الأمهات عن تحفظها، قائلة إن المدرسة نفسها شجعتها سابقًا على شراء هاتف لابنتها الكبرى لتتمكن من الذهاب إلى المدرسة بمفردها، مضيفة: "لا أعارض القرار تمامًا، لكنني لا أرى حاجة لتغيير النظام السابق الذي كان يقتضي تسليم الهاتف في بداية اليوم الدراسي."
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع تقارير تربوية تشير إلى أن منع الهواتف قد يُحسّن الأداء الأكاديمي. ففي أكاديمية "إكسلسيور" بلندن، ارتفع متوسط درجات طلاب المرحلة الثانوية من "C" إلى "B" بعد تطبيق سياسة مصادرة الهواتف لمدة تصل إلى أسبوع عند استخدامها خلال الدروس. وعلّق مدير المدرسة، عمر ديريا (45 عامًا)، بأن هذا الإجراء كان له "تأثير معجز".
ورغم تزايد تبنّي المدارس لسياسات الحظر، لم تفرض الحكومة البريطانية حتى الآن قرارًا وطنيًا بهذا الشأن، مفضلة ترك حرية اتخاذ القرار لمديري المدارس.
من جهته، أقر حزب العمال في برنامجه الانتخابي بأن الأطفال يتعرضون لأضرار كبيرة عبر الإنترنت، إلا أن زعيم الحزب، كير ستارمر، صرّح العام الماضي بأنه لا يؤيد فرض حظر شامل على الهواتف لمن هم دون السادسة عشرة.