عرب لندن

تستعد هيئة السلوك المالي (FCA) في المملكة المتحدة لحظر مستثمري التجزئة من استخدام الأموال المقترضة، مثل أرصدة بطاقات الائتمان، لشراء العملات المشفرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة على سوق الأصول الرقمية سريعة النمو.

وبحسب ما ورد في موقع “الغارديان” Guardian ارتفعت الضغوط على المنظم المالي البريطاني لاتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه التشفير بعد صعود قيمة عملات افتراضية مثل "بيتكوين" في أعقاب انتخاب دونالد ترامب، وهو ما زاد المخاوف من تفاقم المخاطر المرتبطة بالاستثمار في هذا القطاع دون قيود.

وأظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة "YouGov" أن نسبة البريطانيين الذين يستخدمون الأموال المقترضة لشراء العملات الرقمية قد تضاعفت من 6% عام 2022 إلى 14% في العام الماضي، مما أثار قلق الجهات التنظيمية من تنامي هذه الممارسة.

وتحذر السلطات من أن الاقتراض لتمويل استثمارات في أصول متقلبة مثل العملات المشفرة يعرّض المستثمرين لخسائر كبيرة، قد تطال ممتلكاتهم الأساسية مثل منازلهم. وخلص تقرير للجنة الخزانة البرلمانية إلى أن خصائص هذا النوع من الاستثمار تشبه إلى حد كبير أنماط المقامرة.

ويُتوقع أن يواجه الحظر المقترح مقاومة من بعض شركات التكنولوجيا، في وقت يستعد فيه الوزراء البريطانيون لتوسيع نطاق اللوائح المالية الحالية لتشمل الشركات العاملة في مجال التشفير، ما يعزز التقارب مع السياسات الأمريكية في هذا المجال، على حساب التوجه الأوروبي.

وقالت المستشارة راشيل ريفز، عقب زيارة إلى واشنطن، إنها ناقشت تنظيم العملات المشفرة مع وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسينت، مضيفة أن البلدين يخططان لمزيد من المباحثات حول هذا الموضوع خلال شهر يونيو.

ويعرف بيسينت بدعمه لصناعة التشفير، ويعارض بشدة إصدار عملة رقمية للبنك المركزي، على غرار موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وخلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ في يناير، أعرب بيسينت عن رفضه لفكرة أن شركات كبرى مثل "ميتا" و"غوغل" و"آبل" قد تسيطر مستقبلاً على العملات الرقمية، قائلًا: "لا أرى سببًا يجعل الولايات المتحدة تطلق عملة رقمية للبنك المركزي".

وقد أعرب وزراء مالية منطقة اليورو مؤخرًا عن قلقهم من أن النهج الأمريكي قد يُضعف سيادة النقد في أوروبا ويهدد الاستقرار المالي.

وفي بريطانيا، تواجه حكومة كير ستارمر ضغوطًا داخلية من حزب العمال لاعتماد موقف أكثر صرامة تجاه سوق العملات الرقمية. ففي عام 2023، دعت لجنة برلمانية شاملة الأطياف إلى معاملة استثمارات التجزئة في العملات المشفرة كأحد أشكال المقامرة.

ورغم هذه الضغوط، دعت ريفز ضمن استراتيجية النمو الحكومية إلى تخفيف بعض القيود التنظيمية لتحفيز الابتكار، وهو نهج يلقى دعمًا من الرئيس التنفيذي لـFCA، نيخيل راثي، الذي أشار إلى إمكانية تبسيط اللوائح في الحي المالي "الميل المربّع".

وأكد ديفيد جيل، المدير التنفيذي للمدفوعات والتمويل الرقمي في FCA، أن تنظيم سوق التشفير بشكل واضح من شأنه تعزيز الثقة ودعم النمو، مشيرًا إلى أن الهيئة تهدف إلى "بناء نظام يوفّر وضوحًا للشركات المبتكرة، ويحافظ في الوقت ذاته على سلامة السوق وحماية المستهلك".

ونبّه جيل إلى وجود مخاوف مستمرة بشأن التلاعب في السوق، وتضارب المصالح، وغياب الشفافية، وقصور منصات التداول، مشددًا على أن "الهدف هو تعزيز نمو مستدام وطويل الأمد لصناعة التشفير في المملكة المتحدة، ونتساءل الآن عما إذا كنا قد حققنا التوازن الصحيح".

وينص التشريع الجديد على منح الهيئة صلاحيات موسعة للإشراف على كافة الأعمال المرتبطة بالعملات المشفرة، بما يشمل منصات التداول، والوسطاء، ومُقرضي الأصول الرقمية، والمستثمرين بالديْن.

التالي "نات ويست" تحقق قفزة في الأرباح مع اقتراب الحكومة البريطانية من التخارج الكامل من ملكيتها