عرب لندن
أظهر تقرير جديد صادر عن مكتب التدقيق الوطني البريطاني أن تكاليف إسكان طالبي اللجوء سترتفع إلى ثلاثة أضعاف المبلغ المُعلن سابقًا، ما يُحمّل دافعي الضرائب أعباء إضافية ضخمة مقارنة بالتقديرات الأولية الصادرة عن وزارة الداخلية.
ووفقًا للأرقام، فإن العقود التي وقعتها حكومة المحافظين عام 2019 مع ثلاث شركات خاصة كانت تتوقع إنفاق 4.5 مليار جنيه إسترليني خلال عشر سنوات، لكن الرقم المُحدث يُقدّر التكلفة بـ15.3 مليار جنيه، مع تزايد الاعتماد على الفنادق لإيواء طالبي اللجوء.
وبحسب ما ورد في موقع “البي بي سي” BBC أشار المكتب إلى أن الحكومة لا تملك سوى "أدوات محدودة" لكبح تصاعد التكاليف، خاصة في ظل تضاعف أعداد طالبي اللجوء الذين يُقيمون في الفنادق، إذ ارتفع عددهم من نحو 47 ألفًا في ديسمبر 2019 إلى أكثر من 110 آلاف بحلول ديسمبر 2024.
وتُوجّه ثلاثة أرباع الأموال المُخصصة حاليًا إلى الفنادق، رغم أن المقيمين فيها لا يمثلون سوى نحو ثلث العدد الإجمالي لطالبي اللجوء. ويرى المكتب أن الشركات الخاصة المتعاقدة مع الحكومة قد تستفيد ماليًا من هذا النموذج مقارنة ببدائل السكن الأخرى.
وبحسب التقرير، حققت شركات سيركو، ميرز، وكليرسبرينغز أرباحًا بلغت 383 مليون جنيه إسترليني من هذه العقود بين سبتمبر 2019 وأغسطس 2024، في حين ارتفعت تكلفة عقد شركة "كليرسبرينغز" وحده في جنوب إنجلترا من 0.7 مليار إلى نحو 7 مليارات جنيه متوقعة.
وكان مؤسس ومدير "كليرسبرينغز"، غراهام كينغ، قد تبرع لحزب المحافظين من خلال شركات أخرى يمتلكها، مما أثار انتقادات بشأن تضارب المصالح.
وتقول وزارة الداخلية إن حكومة حزب العمال "ورثت نظام لجوء فوضويًا"، منتقدة المحافظين على توقيع عقود وصفتها بـ"الكارثية"، مؤكدة في الوقت ذاته أن عدد الفنادق المستخدمة تراجع منذ الانتخابات، مع توقعات بتوفير 4 مليارات جنيه بحلول نهاية 2026.
ورغم أن عقود الوزارة مع الشركات تتضمن بندًا يسمح بإنهائها العام المقبل، فإن مصادر مطلعة تؤكد أنه لن يُفعّل. وأفاد مصدر حكومي بأن السبب الرئيسي لارتفاع التكاليف يعود إلى زيادة عبور القناة عبر قوارب صغيرة، مشيرًا إلى أن الحدود "أُسندت عمليًا لعصابات تهريب البشر"، ما دفع حكومة المحافظين السابقة إلى إبرام "عقود غير مناسبة".
كما صرح المصدر بأن وزارة الداخلية على تواصل دائم مع الشركات الثلاث، وأن الحكومة الحالية تمارس ضغوطًا متواصلة عليها، دون أن يكشف ما إذا كانت ستُجدد العقود بعد عام 2029.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين لـ"بي بي سي" إن "أصحاب الفنادق حققوا أرباحًا ضخمة"، خاصة في جنوب شرق إنجلترا، داعيًا الحكومة إلى التخلي عن النظام الحالي والتعاون مع السلطات المحلية لإيجاد بدائل أكثر استدامة.
ويُعد قرار حكومة بوريس جونسون وقف معالجة عدد كبير من طلبات اللجوء أحد العوامل التي أسهمت في تضاعف أعداد المقيمين في مساكن مدفوعة، فيما بدأت حكومة ريشي سوناك لاحقًا معالجة هذه التراكمات، رغم أن هيئة مراقبة الإحصاءات رفضت مزاعمه بإنهائها.
ورغم التراجع الحاد في عدد الفنادق المستخدمة في عهد سوناك، فإن الأعداد لم تشهد تغييرًا ملحوظًا منذ وصول حزب العمال إلى السلطة. وفي نوفمبر، أقرت وزيرة الداخلية أنجيلا إيجل بارتفاع استخدام الفنادق في بعض المناطق، لكنها أكدت أن الرقم الإجمالي انخفض قليلًا منذ الانتخابات.
بدوره، قال وزير داخلية حكومة الظل كريس فيلب إن الاعتماد على الفنادق ارتفع بشكل كبير في عهد الحكومة الحالية. وفي المقابل، أعلنت منظمة "ريفوم يو كيه" أنها ستنظر في اتخاذ خطوات قانونية لمنع استخدام الفنادق ضمن مناطقها، حيث صرحت نائبة الحزب المنتخبة سارة بوتشين أن "الانفجار السكاني يفاقم الفقر والجريمة ويهدد المجتمعات المحلية".