السجن لستة بلغاريين تجسسوا لصالح روسيا في بريطانيا
عرب لندن
قضت محكمة أولد بيلي البريطانية بسجن ستة مواطنين بلغاريين بعد إدانتهم بالضلوع في أنشطة تجسسية لصالح روسيا. وتمثل هذه القضية واحدة من أكبر قضايا التجسس التي شهدتها بريطانيا في الآونة الأخيرة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "الغارديان" The Guardian.
وصدرت أقسى الأحكام بحق أورلين روسيف (47 عامًا)، زعيم الشبكة، بعد إقراره بالذنب في تنفيذ ست عمليات وصفت بـ"المعقدة"، وُصفت بأنها عرّضت الأمن القومي وسلامة الجمهور للخطر، حيث حُكم عليه بالسجن 10 سنوات وثمانية أشهر. أما نائبه، بيسر دجامبازوف (44 عامًا)، فقد حُكم عليه بالسجن 10 سنوات وشهرين بعد اعترافه بالتهم الموجهة إليه.
وشملت الأحكام أيضًا امرأتين جُنّدتا ضمن الشبكة، إحداهما كاترين إيفانوفا (33 عامًا)، التي اعتُبرت "مصيدة" استخدمها روسيف ودجامبازوف لاستهداف خصوم روسيا، وحُكم عليها بالسجن تسع سنوات وثمانية أشهر، بينما حُكم على فانيا جابيروفا (30 عامًا) بالسجن ست سنوات وثمانية أشهر وثلاثة أسابيع، رغم مراعاة القاضي لحالتها النفسية وتشخيص إصابتها برهاب الأماكن المغلقة.
وتلقى تيهومير إيفانشيف (39 عامًا) حكمًا بالسجن ثماني سنوات، إذ أخذت المحكمة بعين الاعتبار توقفه عن المشاركة في أنشطة الشبكة قبل اعتقاله عام 2023، في حين صدر حكم بالسجن خمس سنوات وثلاثة أسابيع على إيفان ستويانوف (33 عامًا) بعد اعترافه المتأخر بالتهم المنسوبة إليه.
وأكد القاضي إدوارد هيلارد أن جميع المدانين سيقضون نصف مدة العقوبة على الأقل قبل أن يصبحوا مؤهلين للإفراج المشروط، مع الإشارة إلى أنهم سيكونون عرضة للترحيل إلى بلغاريا فور إطلاق سراحهم.
وخلال جلسة النطق بالحكم، كشف القاضي تفاصيل ست مؤامرات تجسسية نفذتها الشبكة بين عامي 2020 و2023، استهدفت صحفيين ومعارضين روسًا مقيمين في المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى، مشيرًا إلى أن المتهمين كانوا مدفوعين بالحوافز المالية، حيث نوقشت مبالغ تصل إلى مليون يورو، ما يعكس أهمية المعلومات التي جمعوها بالنسبة للاستخبارات الروسية.
وعملت الشبكة انطلاقًا من دار ضيافة في غريت يارموث بمقاطعة نورفولك، تحت إشراف رجل الأعمال النمساوي الهارب يان مارساليك، المدير التنفيذي السابق لشركة "وايركارد"، الذي فرّ إلى روسيا بعد فضيحة مالية كبرى عام 2020، ويُعتقد أنه يعمل حاليًا لصالح جهازي المخابرات الروسيين FSB وGRU.
وكان مارساليك قد أصدر أوامر لأفراد الشبكة بتنفيذ عمليات تجسس في بلغاريا والنمسا وإسبانيا ضد الصحفي الاستقصائي كريستو غروزيف، الذي ساهم في كشف تورّط عملاء روس في محاولة اغتيال المعارض أليكسي نافالني، كما أمرهم بسرقة بيانات جنود أوكرانيين يُعتقد أنهم يتلقون تدريبات في قاعدة أمريكية في ألمانيا، باستخدام معدات تجسس متقدمة.
وأشاد القاضي بالجهود الاستثنائية التي بذلتها الشرطة البريطانية في التحقيق، واصفًا عملها بـ"الدقيق والحازم"، مشيرًا إلى أن بعض ضحايا التجسس اضطروا إلى تعزيز إجراءاتهم الأمنية نتيجة التهديدات المباشرة.
وقال القائد دومينيك مورفي، رئيس قيادة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة، إن التحقيق لم يترك أمام قادة الشبكة خيارًا سوى الإقرار بالذنب، مؤكدًا أن القضية تعكس التهديد المتزايد الذي تمثله أنشطة الاستخبارات الأجنبية في المملكة المتحدة، وخصوصًا ما وصفه بـ"الاستعانة بمصادر خارجية للتجسس".
من جانبه، صرّح فرانك فيرغسون، رئيس قسم مكافحة الإرهاب في النيابة العامة البريطانية، أن الشبكة استهدفت أشخاصًا فرّوا إلى المملكة المتحدة هربًا من الاضطهاد، بالإضافة إلى صحفيين معارضين للنظام الروسي، ما يشكل تهديدًا صريحًا لفكرة أن المملكة المتحدة تمثّل ملاذًا آمنًا لهؤلاء. وأضاف: "لا شك أن جميع المتهمين كانوا يعلمون تمامًا لصالح من يعملون، وأنهم تقاضوا أموالًا مقابل تقويض أمن البلاد".