عرب لندن

تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال أبريل الماضي إلى أدنى مستوى شهري له – باستثناء فترة الجائحة – منذ أكثر من 70 عامًا، وسط تحديات تتعلق بالرسوم الجمركية الأمريكية، وتحولات الصناعة نحو السيارات الكهربائية، وانخفاض عدد أيام العمل بسبب توقيت عطلة عيد الفصح.

ووفقًا لما ذكره موقع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فقد أظهرت بيانات صادرة عن جمعية مصنّعي وتجار السيارات (SMMT) أن إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال أبريل الماضي بلغ 59,203 مركبات فقط، مسجّلًا انخفاضًا بنسبة 16% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024، وتراجعًا بنسبة 25% مقارنة بشهر مارس. ويُعد هذا الرقم الأدنى لشهر أبريل منذ عام 1952، باستثناء عام 2020 الذي شهد توقفًا شبه كامل للإنتاج بسبب جائحة كوفيد-19.

وأرجعت الجمعية جزءًا كبيرًا من هذا الانخفاض إلى تأثير الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على وارداتها من السيارات والمعادن مثل الحديد المُعالج (الصُلب) والألمنيوم، والتي تبلغ نسبتها 25% بموجب قرارات اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقد تكبّدت شركات بريطانية، على رأسها "جاكوار لاند روفر"، هذه التكاليف الباهظة، ما أثّر سلبًا على صادراتها إلى السوق الأمريكية، في ظل تأخر تنفيذ الاتفاقيات التجارية الجديدة التي تم التوصل إليها في مايو، والتي تنص على خفض الرسوم إلى 10% على أول 100,000 سيارة يتم تصديرها سنويًا.

 

وإلى جانب العوائق التجارية، أوضحت الجمعية أن الصناعة تمر بمرحلة تحول كبيرة من إنتاج سيارات تعمل بالبنزين إلى السيارات الكهربائية، وهو ما أدى إلى تباطؤ مؤقت في الإنتاج. كما شكّل توقيت عطلة عيد الفصح عاملًا إضافيًا في تقليص عدد أيام العمل خلال الشهر.

وبحسب الأرقام الرسمية، انخفض إنتاج السيارات المخصصة للتصدير بنسبة 10.1%، متأثرًا بانخفاض الطلب من الأسواق الرئيسية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فيما تراجعت أرقام التصنيع للسوق المحلية بنسبة 3.3% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وفي السياق، عبّر خبراء الصناعة عن قلقهم إزاء ما وصفوه بـ"الغموض" في السياسات الحكومية البريطانية المتعلقة بتصنيع السيارات الكهربائية. 

فقد أعلنت الحكومة في أبريل عن تخفيف أهداف مبيعات السيارات عديمة الانبعاثات وخفض الغرامات المفروضة على الشركات التي لا تفي بمعايير الانبعاثات البيئية، ما أثار مخاوف بشأن قدرة الشركات على التخطيط المستقبلي بثقة.

وقال البروفيسور بيتر ويلز، مدير مركز أبحاث صناعة السيارات بجامعة كارديف: “المملكة المتحدة تواجه تحديات ليست فريدة من نوعها، موضحًا أن دولًا كبرى مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليابان تشهد أيضًا تراجعًا في الإنتاج”.

ومع ذلك، أكد ويلز أن بعض العوامل، مثل الحواجز التجارية المخففة أمام الواردات الصينية، قد تجعل السوق البريطانية أكثر عرضة للضغوط العالمية.

وفي الوقت الذي تعاني فيه صادرات السيارات البريطانية من الركود، لا تزال السوق المحلية تشهد نموًا ملحوظًا، حسب ما أكده ناثان كو، الرئيس التنفيذي لمنصة AutoTrader لبيع السيارات، الذي أشار إلى أن مبيعات السيارات الجديدة والمستعملة داخل بريطانيا تسير بشكل جيد، رغم تراجع نشاط قطاع التصنيع.

ويُذكر أن بريطانيا شهدت في السنوات الأخيرة إغلاق مصانع رئيسية لشركات مثل هوندا وفورد، وسط تصاعد القلق في أوساط المصنعين بشأن مستقبل الصناعة في ظل سياسات ضبابية وتحولات تكنولوجية عميقة.

السابق محافظ بنك إنجلترا يدعو لتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لتخفيف آثار البريكست الاقتصادية
التالي تضخم أسعار الغذاء في بريطانيا يرتفع للشهر الرابع على التوالي