عرب لندن
أعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أن بلاده بدأت في نقل مقاتلات وأصول عسكرية أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط، في وقت رفض فيه استبعاد إمكانية تقديم دعم عسكري لإسرائيل في مواجهة الضربات الإيرانية، رغم تحذيرات طهران بأن مثل هذا التدخل قد يعرض القواعد البريطانية في المنطقة للاستهداف.
وبحسب ما نقلته صحيفة "الغارديان" The Guardian، جدد كير ستارمر، في حديثه للصحفيين على متن الطائرة المتجهة إلى قمة مجموعة السبع، دعوته إلى التهدئة وخفض التصعيد، مشيرًا إلى أنه أجرى سلسلة من الاتصالات مع عدد من القادة الدوليين عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران، من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وقال: "سأتخذ دائمًا القرارات الصائبة لمصلحة المملكة المتحدة"، مضيفًا: "نحن نُعيد نشر أصول عسكرية في المنطقة، بما في ذلك مقاتلات، وذلك لتوفير دعم احترازي إذا ما استمر التصعيد".
وأوضح مقر رئاسة الوزراء أن هذه الخطوة تشمل إرسال مقاتلات إضافية وطائرات للتزود بالوقود لدعم العمليات في الشرق الأوسط "تحسبًا لأي تصعيد إضافي"، وبدأت الاستعدادات منذ صباح الجمعة، عقب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني وقيادات عسكرية عليا.
ورفض ستارمر الإفصاح عمّا إذا كانت بريطانيا ستشارك في التصدي لهجمات صاروخية أو بطائرات مسيّرة قد تنفذها إيران ردًا على الضربة الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن "هذه قرارات عملياتية والوضع لا يزال يتطور، لذا لن أخوض في التفاصيل الدقيقة".
وحتى الآن، لم تشارك بريطانيا في أي عمل عسكري ولم تساهم في اعتراض الصواريخ الإيرانية التي استهدفت إسرائيل، وفق ما هو مفهوم حتى اللحظة.
وقبيل مغادرته لندن، أجرى ستارمر محادثة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأكد الجانبان ضرورة التهدئة، بحسب ما ذكرته رئاسة الوزراء. كما تحدث رئيس الوزراء البريطاني أيضًا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ونتنياهو، والرئيس الأميركي.
وقال ستارمر: "أتوقع أن تشهد قمة السبع تبادلًا مكثفًا للآراء"، مؤكدًا: "نحن قلقون منذ فترة طويلة بشأن البرنامج النووي الإيراني، ونعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، لكن من الواضح أن ما نحتاج إليه الآن هو التهدئة. هناك خطر كبير من تصعيد النزاع في المنطقة وخارجها، وقد رأينا بالفعل تأثير ذلك على الاقتصاد وأسعار النفط".
كما أشار إلى المحادثة التي أجراها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، السبت، والتي دعا خلالها إلى التهدئة.
وقال: "نحن نجري مناقشات مستمرة مع حلفائنا، سواء أنا أو وزير الخارجية، وكل رسائلنا تتمحور حول التهدئة، وكل ما نقوم به من تحركات ونقاشات هدفه خفض التوتر".
وبشأن ما إذا كانت بريطانيا قد تلقت تحذيرًا مسبقًا من إسرائيل قبل تنفيذ هجومها، رفض ستارمر الإفصاح، لكنه لمح إلى وجود معلومات مسبقة، قائلاً: "لن أخوض في تفاصيل ما عرفناه، لكننا نتبادل المعلومات بشكل مكثف مع حلفائنا، ولا يمكنني تحديد ما الذي عرفناه تحديدًا في حينه".
ويتوجه ستارمر أولًا إلى أوتاوا لعقد محادثات ثنائية مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، قبل مشاركته في قمة مجموعة السبع المقررة في مدينة كاناناسكيس بمقاطعة ألبرتا الكندية.
وحذّر خبراء من ضرورة أخذ تهديدات إيران ضد بريطانيا وحلفائها على محمل الجد، مشيرين إلى أن طهران قد تلجأ إلى خيارات كانت تُعدّ "غير واردة سابقًا".
وقالت بورجو أوزجيليك، الباحثة في معهد الخدمات الملكية المتحدة لشؤون الأمن في الشرق الأوسط، إن النظام الإيراني "في وضع دفاعي ويبحث عن وسيلة لإثبات أنه ليس مجرد نمر من ورق"، مشيرة إلى أن الرد الإيراني المحتمل على بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة سيعتمد على تقييم طهران لفرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية، وما إذا كانت قادرة على تحمّل رد غربي.
وأضافت: "تشعر إيران بأنها محاصرة، وقد ترى أنه لم يعد أمامها سوى اتخاذ خطوات كانت مستبعدة في السابق".
أما ماريون ميسمر، الباحثة في برنامج الأمن الدولي في "تشاتام هاوس"، فرأت أن تهديدات إيران تمثل "تحذيرًا استباقيًا" للدول الغربية، موضحة أن "طهران على الأرجح لا تريد توسيع النزاع، لكن تهديدها ينبغي التعامل معه بجدية".
وأضافت: "رغم أن إسرائيل حليف لكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، إلا أنها الطرف الأقوى عسكريًا في هذا النزاع. لا يبدو أن هناك حاجة فورية لتقديم دعم عسكري لإسرائيل، كما أن مزيدًا من التصعيد لا يصب في مصلحة أي طرف".