عرب لندن
أعرب موظفو هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في بريطانيا عن قلقهم المتزايد إزاء ظاهرة تصوير المرضى لأنفسهم أو لمقدمي الرعاية أثناء تلقي العلاج، ثم نشر هذه المقاطع على منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، دون الحصول على موافقة واضحة.
وبحسب ما ذكر موقع صحيفة “الغارديان” The Guardian، أبدى فنيو الأشعة، الذين يضطلعون بمهام التقاط صور الأشعة السينية والفحوصات التشخيصية، مخاوفهم من أن هذه الممارسات قد تُعرّض خصوصية المرضى الآخرين للخطر، خاصةً أولئك الذين يتلقون العلاج في نفس البيئة السريرية.
وفي هذا السياق، عبّرت جمعية فنيي الأشعة (SoR) عن استيائها بعد وقوع عدة حوادث قام فيها المرضى أو مرافقيهم بتصوير جلسات علاجية دون إذن. ففي إحدى الحوادث، كانت ابنة مريض تُسجّل مقطع فيديو أثناء إدخال قسطرة في جسد والدها المصاب بالسرطان، دون طلب موافقة الطاقم الطبي.
وقالت إحدى الموظفات: "كانت ترى أن التسجيل سيكون ممتعًا على وسائل التواصل، ولم تطلب إذنًا. أمضيت عطلة نهاية الأسبوع قلقة من احتمالية ظهور أي خطأ في الفيديو، رغم يقيني بأنني أديت عملي بشكل جيد. لا أحد مثالي طوال الوقت".
وفي حادثة أخرى، صُوّرت مريضة أثناء خضوعها لإجراء تنظير القولون، بينما كانت ابنتها تُصوّرها عن قرب، على نحو يُحتمل أن يكون قد التقط بياناتها الشخصية، كالأسماء وتواريخ الميلاد.
وقالت آشلي داكينو، أخصائية الأشعة العلاجية في لندن، إن إحدى المريضات سلّمت هاتفها للطبيبة بهدف التقاط صورة، لكن تبيّن لاحقًا أنها كانت تُسجّل سراً، بقصد النشر على مدونة شخصية.
وأضافت: "نحن نرتدي شارات تحمل أسماءنا، ما يجعل هوياتنا واضحة في أي مقطع يُنشر. وهذا يثير مشاعر القلق وعدم الارتياح بين العاملين".
من جهته، دعا دين روجرز، مدير الاستراتيجية الصناعية بجمعية أطباء الأشعة الملكية، إدارات هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى اتخاذ خطوات حازمة للتوعية بحقوق المرضى والموظفين فيما يتعلق بالتصوير، مؤكدًا ضرورة الحصول على إذن صريح مسبق.
وقال: “يجب أن نُفكر كمتخصصين صحيين: هل يُخل هذا التسجيل بسرية الآخرين؟ هل يؤثر على قدرتنا في تقديم رعاية آمنة ومركزة؟”
وأكدت الدكتورة كاثرين هاليداي، رئيسة الكلية الملكية لأطباء الأشعة، أن قواعد التصوير وُضعت لحماية كرامة المرضى وسرّية المعلومات داخل بيئة تُعد من أكثر الأماكن حساسية.
وأضافت: "في المستشفى، تكون محاطًا بأشخاص في أضعف لحظاتهم، وطاقم يعمل تحت ضغط كبير لإنقاذ الأرواح. يجب دائمًا طلب الإذن قبل التصوير – حتى إن كان الهدف استخدامًا شخصيًا بحتًا".
وشددت البروفيسورة ميغانا بانديت، المديرة الطبية الوطنية المشاركة لـNHS إنجلترا، على أن تسجيل أي جزء من الرعاية الصحية ينبغي أن يتم بالتشاور مع الطاقم الطبي، ويُستخدم فقط لأغراض شخصية.
واختتمت بالقول: "تسجيل مرضى آخرين دون إذنهم قد يُعرّضهم لانتهاك خصوصيتهم بشكل جسيم. يجب ألا تُستخدم مرافق الهيئة لتصوير أو مشاركة معلومات عن مرضى آخرين، ناهيك عن نشرها علنًا عبر الإنترنت".