عرب لندن
أعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إطلاق تحقيق وطني رسمي في قضايا عصابات الاستغلال الجنسي، وذلك استجابة لتوصيات تقرير مستقل أعدّته البارونة لويز كيسي، وصف خلاله ما كشفته التحقيقات بأنه "يتطلب تحركًا عاجلًا ومنظمًا".
وبحسب ما ذكرته صحيفة "الإندبندنت" Independent، أكد كير ستارمر أن قراره بإطلاق تحقيق قانوني جديد جاء استجابة لمراجعة معمقة أجرتها البارونة لويز كيسي بشأن الاعتداءات الجنسية التي تعرّضت لها فتيات قاصرات في عدد من البلدات البريطانية، معتبرًا أن هذا القرار "هو التصرف الصحيح بناءً على الأدلة المطروحة".
وأضاف في تصريح أدلى به للصحفيين على متن الطائرة المتوجهة إلى كندا لحضور قمة مجموعة السبع: "قرأت كل كلمة في تقريرها، وسألتزم بتوصياتها. هذا هو القرار الصائب، وسأنفذه بالكامل".
وأوضح ستارمر أن التحقيق سيكون بموجب قانون التحقيقات الرسمي، مشيرًا إلى أن وضع الآلية القانونية والإجرائية سيستغرق بعض الوقت، لكنه شدد على أن الحكومة ملتزمة بإطلاقه ضمن إطار منظم وشفاف.
وكان ستارمر قد رفض في وقت سابق من العام الجاري مطالبات بإجراء تحقيق وطني جديد، مبررًا موقفه حينها بأن ذلك قد يؤخر تحقيق العدالة للضحايا، ودعا حينها إلى التركيز على تنفيذ التوصيات السابقة. إلا أن المراجعة التي كُلفت بها كيسي في يناير الماضي، وامتدت على مدار ثلاثة أشهر، غيّرت موقفه بعد أن كشفت عن أوجه قصور خطيرة في معالجة قضايا الاستدراج والاستغلال الجنسي.
وكُلفت كيسي خلال المراجعة بفحص نطاق انتشار عصابات الاستغلال الجنسي، وتحليل بيانات لم تُدرج في التحقيق الوطني السابق الذي أجرته أليكسيس جاي، بما في ذلك الجوانب المرتبطة بالأصول العرقية والدوافع المجتمعية والثقافية للمعتدين، وكذلك الخصائص الديموغرافية للضحايا.
وبحسب ستارمر، فإن كيسي لم تكن ترى في بداية عملها ضرورة لإجراء تحقيق وطني جديد، إلا أن ما توصلت إليه خلال مراجعتها أقنعها بخلاف ذلك. وأوضح أن هذا التغير في موقفها هو ما دفعه لاتخاذ قرار فوري بإطلاق التحقيق الجديد.
إلى جانب مراجعة كيسي، تعمل الحكومة أيضًا مع القاضي توم كروثر، الذي سبق أن قاد تحقيقًا في بلدة تيلفورد، من أجل وضع نموذج لتحقيقات مشابهة في خمس بلدات أخرى من بينها أولدهام، حيث تواجه الحكومة انتقادات متزايدة بشأن فشلها في الاستجابة المناسبة لهذه القضايا.
وكان الوزراء قد تعرضوا لضغوط سياسية وشعبية كبيرة العام الماضي، بعد أن سلط الملياردير الأميركي إيلون ماسك الضوء على رفض الحكومة طلبًا من مجلس أولدهام لإجراء تحقيق وطني ثانٍ في قضايا الاستغلال، الأمر الذي أعاد الجدل إلى دائرة الاهتمام العام من جديد.
وجاء إعلان ستارمر بعد يوم واحد فقط من إدانة سبعة رجال في مدينة روتشديل بارتكاب سلسلة من الجرائم الجنسية ضد فتاتين مراهقتين على مدار سنوات، في محاكمة أثارت مجددًا تساؤلات حول فعالية أجهزة إنفاذ القانون في التصدي لهذا النوع من الجرائم. وسمعت المحكمة تفاصيل صادمة عن تعرض الضحيتين لـ"سنوات من الجحيم"، واعتقاد الجناة بأن من حقهم إجبار الفتاتين على ممارسة الجنس "متى وأينما شاءوا".
وكان تقرير لويز كيسي السابق، الصادر عام 2015 حول فضيحة روثرهام، قد أشار إلى "ثقافة متجذرة من التمييز الجنسي والتنمر"، وأوضح أن العديد من الموظفين في المجالس المحلية امتنعوا عن الإبلاغ عن حالات استغلال بسبب الخوف من اتهامهم بالعنصرية في حال ذكروا خلفيات الجناة العرقية.
وفي تعليقها على إعلان ستارمر، هاجمت وزيرة الأعمال وزعيمة حزب المحافظين، كيمي بادينوخ، قرار رئيس الوزراء، قائلة: "لا يعرف كير ستارمر ما يعتقده إلا إذا أخبره تقرير رسمي بذلك. لقد طالبتُ مرارًا بإجراء تحقيق وطني منذ يناير، وكان عليه أن يستمع. لقد ضيّع ستة أشهر كان يمكن خلالها إحراز تقدم، وعليه الآن أن يعتذر".