بقلم المستشار القانوني علي القدومي
أعلنت وزارة الداخلية البريطانية، اليوم، أن شرط الحصول على الإقامة الدائمة (Indefinite Leave to Remain - ILR) في المملكة المتحدة سيتم تمديده إلى عشر سنوات لكافة المقيمين في البلاد، بغض النظر عن تاريخ دخولهم. هذا الإعلان المفاجئ، الذي نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، يأتي كجزء من السياسات الشاملة المنصوص عليها في "الورقة البيضاء" للهجرة التي قدمتها حكومة كير ستارمر إلى البرلمان في مايو 2025.
تُعد هذه الورقة البيضاء أبرز تعديل شامل لنظام الهجرة البريطاني منذ أكثر من عقد، حيث تضع جدولًا طموحًا لإصلاح قواعد الهجرة القانونية استجابةً لتصاعد أرقام صافي الهجرة السنوية، وتهدف إلى خفض الاعتماد على العمالة الأجنبية، وتعزيز ما تسميه الحكومة بـ"الاندماج المجتمعي".
وفيما يلي أبرز ملامح السياسات الجديدة كما وردت في الورقة:
أولاً: الإقامة الدائمة بعد عشر سنوات للجميع
- يشترط على كافة المتقدمين للحصول على ILR البقاء في المملكة المتحدة لمدة عشر سنوات بدلاً من خمس.
- يُطبق القرار بأثر شامل، ما يعني أن المقيمين الذين دخلوا قبل صدوره لن يُستثنوا من هذا التغيير.
- تشمل هذه السياسة حاملي تأشيرات العمل، الطلاب الدوليين، والعديد من الفئات الأخرى.
ثانياً: رفع مستوى اللغة الإنجليزية المطلوبة
- رفع الحد الأدنى لمستوى اللغة من GCSE إلى A-Level (يعادل B2 أو C1)، ويشمل ذلك:
- تأشيرات العمل.
- الإقامة الدائمة.
- تأشيرات الالتحاق بالعائلة.
- يهدف القرار لضمان اندماج فعّال في سوق العمل والمجتمع البريطاني.
ثالثاً: تشديد شروط تأشيرات الأسرة (الزوج/الزوجة والأطفال)
- زيادة الحد الأدنى للدخل المطلوب لرعاية الزوج/الزوجة.
- فرض متطلبات سكنية أكثر دقة.
- إثبات القدرة على الاندماج الاجتماعي والمعرفي للعائلة.
رابعاً: مراجعة نظام العمال المهرة Skilled Worker
- تقليص عدد الوظائف المؤهلة.
- تشجيع تدريب العمال البريطانيين بدلاً من الاعتماد على العمالة المستوردة.
- مراجعة الحد الأدنى للرواتب المسموح بها لتقليل استقدام العمال منخفضي الأجور.
خامساً: تقييد مسارات الطلاب الدوليين
- منع الطلاب الدوليين من اصطحاب أفراد أسرهم إلا في ظروف محددة.
- فرض شروط أكثر صرامة للانتقال من الدراسة إلى العمل.
- تعزيز الرقابة على المؤسسات التعليمية التي ترعى تأشيرات الدراسة.
سادساً: إنهاء نظام النقاط المرن الحالي
- سيتم إعادة تصميم نظام النقاط (PBS) ليصبح أكثر تشددًا.
- التركيز على المهارات النادرة فقط، مع إلغاء الاستثناءات التي كانت تمنح مرونة أكبر.
سابعاً: تعزيز الرقابة والامتثال
- زيادة أعداد مفتشي الهجرة.
- إنشاء قاعدة بيانات جديدة لتتبع تحركات المهاجرين.
- تعزيز التعاون بين الوزارات وأجهزة الشرطة في متابعة المخالفات.
ثامناً: مراجعة فئات اللجوء والحماية
- تقليص قبول طلبات اللجوء من دول "آمنة".
- مراجعة قوانين الحماية الإنسانية بشكل يجعل القبول أكثر تعقيدًا.
- تسريع إجراءات الترحيل للرافضين.
تاسعاً: تعزيز "الاندماج القيمي"
- اشتراط حضور دورات قيم مدنية للمهاجرين.
- اختبارات أكثر صرامة في "الحياة في بريطانيا".
- ربط الإقامة الدائمة بمستوى الاندماج والمشاركة المجتمعية.
ردود الفعل والقلق المجتمعي:
أثار إعلان اليوم جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والمجتمعية، إذ وصفه البعض بأنه نكسة للمقيمين الذين بنوا حياتهم واستقروا في بريطانيا لسنوات، وكانوا على وشك التقديم على الإقامة الدائمة. واعتبره آخرون تضييقًا جديدًا يُضعف جاذبية بريطانيا كوجهة عالمية للعمل والتعليم والاستقرار.
أما الحكومة، فتصر على أن هذه السياسات تهدف إلى "إعادة السيطرة على نظام الهجرة، وضمان ألا يأتي إلى المملكة المتحدة إلا من يمكنه الاندماج والإسهام".
وفي ظل هذا الواقع الجديد، بات من الضروري على كل مقيم في بريطانيا أن يعيد تقييم وضعيته القانونية، وخططه المستقبلية، في ضوء التغييرات الجذرية القادمة.